1 ـ غزوان: ـ المحفظة
ذهبَ غزوانُ إلى مدرستهِ متأخِّراً، كعادتهِ في
كلِّ يوم..
[size=16]وقفَ عندَ بابِ الصفِّ الخامس، مُضطرباً مُتردِّداً, ثمّ حزمَ أمرَهُ، وطرقَ الباب..
[size=16]ـ ادخلْ.
[size=16]فتحَ البابَ، ودخلَ الصفَّ، فانجذَبتْ إليهِ العيون..
[size=16]سألَهُ المعلِّمُ:
[size=16]ـ متى تنتهي عنِ التأخُّر؟!
[size=16]ـ الذنبُ ليس ذنبي.
[size=16]ـ ذنبُ مَنْ هذا اليوم؟
[size=16]حكَّ غزوانُ رأسَهُ، وقالَ:
[size=16]ـ ذنبُ الساعةِ.
[size=16]ـ كيف؟!
[size=16]ـ لم يرنَّ المنبِّهُ، فظللْتُ نائماً.
[size=16]ـ ولماذا لم يرنّ؟
[size=16]ـ لأنَّ عقاربَ الساعةِ كانَتْ واقفة.
[size=16]انفلتَتِ الضحكاتُ، من أفواهِ التلاميذ..
[size=16]نظرَ المعلِّمُ إليهم، فسكتوا أجمعين.
[size=16]التفتَ إلى غزوان، وسألَهُ:
[size=16]ـ وهل ستدعُها واقفةً بعدَ اليوم؟
[size=16]ـ هذهِ آخرُ مرَّة.
[size=16]ـ هيّا ادخلْ، وأخرجْ كتابَ القراءة.
[size=16]جلسَ غزوانُ في مقعدهِ، فتحَ محفظتَهُ، بحثَ عن الكتابِ، فلم يجدْ شيئاً!
[size=16]ـ أخرجْ كتابَكَ بسرعة.
[size=16]ـ لقد نسيتهُ.
[size=16]ـ أخرجْ دفترَ الوظائفِ، واقرأْ منهُ.
[size=16]أدخلَ غزوانُ يدَهُ في محفظتهِ، فتَّشَ عنِ الدفترِ، فلم يعثرْ عليهِ..
[size=16]ـ أخرجِ الدفتر!
[size=16]ـ لقد نسيتهُ.
[size=16]قال المعلِّمُ:
[size=16]ـ أرى محفظتكَ منتفخةً، ماذا جلبْتَ فيها؟
[size=16]أغلقَ غزوانُ محفظتَهُ، بأصابعَ مرتجفة..
[size=16]لاحظَ المعلِّمُ ذلكَ، فقالَ لـهُ:
[size=16]ـ أعطِني المحفظة.
[size=16]وقفَ غزوانُ حائراً!
[size=16]ـ أعطِني المحفظة.
[size=16]حملَ غزوانُ محفظتَهُ، وقدَّمَها إلى المعلِّم..
[size=16]فتحَ المعلِّمُ المحفظةَ، نظرَ إلى داخلها، وجدَها مملوءةً بالطعام: رغيفٍ بالزيتِ والسَّعتر، كعكةٍ متفتِّتة، تفّاحة..
[size=16]هزَّ رأسَهُ، وقال:
[size=16]ـ لماذا تتذكَّرُ غذاءَ المعدةِ، وتنسى غذاءَ العقل؟!
[size=16]قالَ غزوانُ:
[size=16]ـ لأنَّ عقلي لا يجوع!
[size=16]ضحكَ المعلِّمُ، وضحكَ التلاميذُ، وظلَّ غزوانُ وحدَهُ، يتلفَّتُ مدهوشاً، ولا يدري لماذا يضحكون!