صندوق الجدّ
قال الرّجل العجوز: "لقد أصبحتُ عاجزاً لا أقدر على حراثة الأرض، ولا على حمل الأثقال، هل أبقى رهن البيت، أم أمشي هائماً على وجهي حتّى أسقط من التّعب؟!"... فكّر كثيراً، تذكَّرَ أيام طفولته؛ كيف كان يقفز كالأرنب من مكان إلى آخر، ويصعد كالقطط إلى أعلى الأشجار، تذكّرَ شبابه حين كان يدخل في عراك مع زملائه، وكيف كان يفوز عليهم، ولكنه لم يكن يخاصم أحداً ولا يعتدي على أحد.. شرد طويلاً مع ذكرياته؛ كانت حياتُه خصبةً مليئةً بالعمل والنّشاط! وها هو الآن شيخ كبير، لا تساعده صحته على القيام بأعمال تحتاج جهداً كبيراً كالزّراعة التي زاولها طويلاً... كان أحفادُه يلعبون حوله بصخب.. فجأة خطرت لـه فكرة جعلته يبتسم ويستيقظ من شروده...
قال: "كنت أزرع القمح والذّرة، وجنيت الكثير من ذلك واليوم سأكون مزارعاً جديداً، وسأبذر، بدل القمح والذّرة، الكلمات الطيّبة..".
[size=16]نادى الأولاد: "خالد...محمد...فاطمة...وائل.. تعالوا يا أبنائي.".
[size=16]اجتمع الأطفال قرب الجد وتساؤل يرتسم على وجه كل منهم..
[size=16]ابتسم.. ابتسموا، قال: "عندي صندوق من الحكايات"...
[size=16]ركض وائل نحو صندوق الجدّ الموجود في صدر البيت وحاول فتحه! ضحك الجدّ وقال:
[size=16]ـ "إذا فتحت الصندوق تهرب الحكايات، تعال.. تعال يا وائل معي حكاية خبّأتها في صدري سأحكيها لكم..".
[size=16]ثم بدأ: "كان ياماكان في قديم الزّمان"..
[size=16]تجمّع الأولاد أكثر حول الجدّ يستمعون كل كلمة يقولها..