الفصل الأول
ساد الفراغ والـهدوء بعد رحيل الضيوف، وظل المصباحان الجداريان على جانبي المرآة منارين في غرفة الدخول، ولم تكن قد أُطفئت بعد الثريات في الغرف، وألقت قبة المصباح القائم البنفسجية بظلـها الرقيق فوق الأريكة، وفاحت رائحة دخان السجائر والعطور الغريبة من كل شيء، وعم قليل من الحزن بسبب من مشهد الأرائك المزاحة، وصحون السجائر المليئة بالأعقاب، وعيدان الثقاب المحروقة على السجادة، والكؤوس غير المرفوعة والماصات البارزة من بقايا الكوكتيل فيها، وجبال الصحون في المطبخ ـ ما أثار ذكرى فوضى خراب محزن لا ينتهي في الشقة.
ربط فاسيلييف الذي أنهكته الأحاديث المستمرة عن الفن، والتزلف والابتسامات العذبة، مئزر المطبخ بارتياح بعد أن رافق آخر ضيوف زوجته حتى المصعد، وشرع يزيل الأواني من غرفة الطعام على نحو حثيث يفوق العادة. غير أن ماريا أوقفته بعينين متوسلتين ("لا لزوم لـهذا الآن....")، وجلست على الأريكة حاضنة كتفيها، وأشاحت ساهمة نحو النافذة، التي ازرقت خلفها على نحو كثيف ليلة من ليالي شهر شباط.
[size=12]قالت: "ـ الحمد للـه، أخيراً. لم تعد قدماي قادرتين على حملي".