الفصل الأول
ـ صياح الديك ملأ الدنيا يا ولدي، وأنت لم تستيقظ؟!
مسح عمران وجهه وعينيه، وانتبه إلى أمه الواقفة إلى جوار سريره المخلَّع:
[size=12]ـ سأنهض يا أمي.
[size=12]ـ والدك سبقك إلى النبع، لعلَّه يستطيع سقاية الأشجار والمزروعات، قبل أن يستيقظ رزوق والجيران.
[size=12]دفع عمران اللحاف بكلتا رجليه، وجلس على حافة السرير البائس، أمّا والدته فقد استدارت بقامتها المربوعة، باتجاه الباب المؤدي إلى السلم.
[size=12]شغل عمران عينيه بالنظر إلى أمه، وهي تتجه إلى السلم، عبر باب الغرفة الضيق، واطئ العتبة. أمّا أذناه، فقد انشدتا إلى صياح الديك القادم من جهات البيوت القريبة والبعيدة.
[size=12]وقف أمام النافذة المطلِّة على السهل والكروم والدرب، وراح يرقب الصبح الوليد، وهو يفتح عينيه بطيئاً، كحالم في اليقظة.
[size=12]بدأت رؤوس الأشجار تظهر لعيني عمران، وسط الأفق المزركش بخيوط الضوء. وحين دقق النظر إلى جهة النهر والسهل بدت لـه الأشجار العالية.
[size=12]صياح الديكة لم ينقطع، حتى خُيِّل لعمران أن الصياح يتسلق الأشجار، فيعلق بعضه بالأغصان كبقايا المطر، وبعضه ينقله نسيم الصباح العليل إلى كل مكان في البساتين.