القناص

مرحبا و أهلا وسهلا بك في المنتدى عزيزي الزائر(ة) نتشرف بدعوتك إلى التسجيل والمشاركة معنا وإذا كنت عضو (ة) فتفضلي بالدخول .
عزف على أوتار قلب - وفاء عزيز أوغلي - قصص - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001 >
_url


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

القناص

مرحبا و أهلا وسهلا بك في المنتدى عزيزي الزائر(ة) نتشرف بدعوتك إلى التسجيل والمشاركة معنا وإذا كنت عضو (ة) فتفضلي بالدخول .
عزف على أوتار قلب - وفاء عزيز أوغلي - قصص - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001 >
_url

القناص

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
القناص



    عزف على أوتار قلب - وفاء عزيز أوغلي - قصص - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001

    القناص
    القناص
    المؤسس + صاحب المنتدى
    المؤسس + صاحب المنتدى


    ذكر
    عدد الرسائل : 1462
    العمر : 37
    العنوان : المغرب
    العمل/الترفيه : student
    المزاج : good
    الرتبة : 01
    معدل تقييم المستوى :
    عزف على أوتار قلب - وفاء عزيز أوغلي - قصص - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001 Left_bar_bleue100 / 100100 / 100عزف على أوتار قلب - وفاء عزيز أوغلي - قصص - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 11/07/2008
    نقاط : 12025
    السٌّمعَة : 0
    سلطة على الأعضاء : عزف على أوتار قلب - وفاء عزيز أوغلي - قصص - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001 W4
    إختر دولتك : عزف على أوتار قلب - وفاء عزيز أوغلي - قصص - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001 Male_m12
    الأوسمة : عزف على أوتار قلب - وفاء عزيز أوغلي - قصص - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001 Ahmed-e6853ef402

    عاجل عزف على أوتار قلب - وفاء عزيز أوغلي - قصص - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001

    مُساهمة من طرف القناص الأحد يوليو 20, 2008 4:25 am

    عزف على أوتار قلب

    بداية الشتاء في دمشق، والصباح يعزف نشيده الصامت...‏

    الشمس واهنة تتمدد باسترخاء في مناحي السماء، والغيوم مبعثره تغطي الشمس حيناً وتبتعد عنها لتسطع من جديد، وتنشر الدفء في المدينة العطشى التي تستجدي المطر، وأنا أسير منذ ربع ساعة...‏

    الطبيب قال: "يجب ألا تقل مدة السير عن ساعة في الصباح، وأخرى في المساء".‏

    حرارة الشمس تغمرني بالدفء...‏

    أقطع الشارع نحو الرصيف الآخر مبتعدة عن أشعة الشمس، وأنا أتساءل: ترى هل ستجود علينا السماء هذا العام بخيراتها لننعم بصيف محتمل...‏

    أم سيظل الناس يرددون...إنه غضب الله علينا لكثرة ذنوبنا؟‏

    أسير وذكريات شتاءات دمشق بأمطارها، وثلوجها تجول في رأسي فأهمس لنفسي: ليتها تعود.‏

    سأغذ السير، وأبطئ: "المهم ألا تتعبي".. هذا ما قاله الطبيب.‏

    منذ تأكدت أنني حامل، لم أعد أشعر بالتعب، ولا بالتعاسة، وأصبحت أتساءل... أيمكن أن تُصبح رؤيتي للأشياء، وإحساسي بالحياة بحجم الأحلام التي أحققها؟... وهل يشعر كل البشر مثلي؟..‏

    أيمكن أَنْ يملأ رفيف كائن يمتلكه الغيب أيامي بالغنى؟"...‏

    تخيَّلت طفلي فطربت فرحاً، وهمست لنفسي.. طفلي قادم.. قادم.. سأصبح أماً... لا... بل أنا أم لهذا الطفل الحبيب الذي يحتضنه رحمي...‏

    أمه منذ اللحظة الأولى لوجوده.‏

    "منذ التصق بي لقب مطلَّقة. احتلني الحزن الصامت كاحتلال عاصفة هوجاء لمدينة صغيرة مستكينة، فاستسلمتُ له، وصرتُ أجوب معه مدن اللامبالاة، والضجر، وأتوه فيهما.‏

    أمي كانت تشعر بي. يخفق قلبها معي. أسمعها وهي تدعو الله أَنْ يهبني زوجاً يعوِّضني وينسيني. لكنها تذوب أسى كلما طرق بابنا خاطباً رجل يرغب بالزواج مني وهو يحمل على كتفيه عبء كهولته، أو عقدة زواج فاشل خلَّف أطفالاً يحتاجني لتربيتهم"...‏

    أشعر بألم بسيط... أتوقف عن السير، وأسند ظهري إلى جدار...‏

    عيون المارة بدأت تنظر، وتتساءل...‏

    لو بقيت دقيقة أخرى سيحيط بي الناس، ففي بلدي القلوب كلها حانية. محبة..‏

    "لا.. لا ليس كلها. ألا يعتبر طليقي أحد أبناء هذا البلد؟..".‏

    أصرخ بصمت: لماذا أذكره..؟‏

    ألا يجب أَنْ أنزعه من ذاكرتي، وأعتبره مجرد نقطة سوداء وقعت خطأً على صفحة حياتي البيضاء، ثم محوتها؟..‏

    لماذا أذكره؟ ألم يهبني الله زوجاً محباً.. رائعاً؟...‏

    أوه.. مصطفى. حبيبي الغائب..‏

    أعود للسير، فالساعة لما تنته بعد..‏

    عقلي لا يتوقف عن التفكير. هو عمله، وطبيعته، ولو توقف عن عمله انتهى، وانتهت حياتي معه، فليعمل، وليهبني من الأفكار، ما يسعدني لا ما يشقيني..‏

    بضعة أيام وحسب ويخرج طفلي إلى دنيانا...‏

    تُرى أسعادتي بقدومه أنانية وأنا أعرف حق المعرفة أنَّ الحياة ليست سوى زحف دؤوب فوق حقل أخضر مزروع بالألغام..‏

    "يبدو أنَّ الإنسان أناني بطبعه، وضعيف أيضاً"..‏

    طفلي يتحرك بعنف.. بقوة.. تراه احتجاج؟...‏

    أتوقف لأرتاح من جديد.... أرفع رأسي للسماء أرجوها أن يكون طفلي ذكراً..‏

    نعم أريده ذكراً، فالأنثى حياتها معاناة دائمة.‏

    دمشق تنصت لحنيني، ولهفتي، أشعر بها، وأحبها.. لكنني أمقت العادات البالية المتأصلة في نفوس الكثير من أبنائها... أعشقها، وأعتب عليها، كانت ستحرمني متعة أَنْ أكون أماً...‏

    أشعر بالتعب.. أتوقف عن السير، لكنَّ سيل الأفكار لا يريد أنّ يتوقف...‏

    "كل الذكور في مدينتي يتزوجون، حتى مَنْ لا يملك عقلاً يجد مَنْ تقبل به، لأنه الذي يختار، أما الأنثى فلا تملك إلا الانتظار، والاختيار لديها محدود، وهي تريد الأفضل لها، والأحب لقلبها، والأحلى لعينيها، ولكن هيهات فهي لابد أَنْ ترضى قبل أن يفوت الأوان.."‏

    الألم يزداد...‏

    "تُرى أثورة قلبي هي السبب؟...‏

    وكيف لا يثور قلبي وحياتنا كلها تناقضات؟ المرأة مازالت تتخبط، وتصارع أمواج الحياة العاتية... مرة تطفو على السطح سالمة قوية، قادرة على درء القهر والظلم عنها، ومرة تهن، وتستسلم بسبب تراكم الضغوط والأعباء فتسلِّم صاغرة.‏

    طفلي عاد ليرفرف، ويشعرني أنه يُنصت لأنين قلبي، ويذكِّرني أنَّ الساعة قد انتهت، وأنني تعبت ليس من السير وحسب بل ومن تذكِّر ماينبغي أَنْ أنساه، فلا أمل.. لا أمل...‏

    أسير إلى سيارة أجرة لأعود إلى بيتي... بل إلىجنتي...‏

    "حين قررنا شراء بيت... طلب زوجي أَنْ أختار أنا المكان. كان يعرف أنني لن أختار إلا ما يحب، واشتريت مملكتي الصغيرة في حي الروضة حيث ولدت ونشأت.. اخترته بحديقة تسوِّره تحوي شجيرات مثمرة، ودالية عنب، وزرعت فيها الفل والياسمين والورد البلدي، ونثرت أصص النباتات الخضراء في كل مكان، داخل البيت، وخارجه.. طفلي يتحرك بعنف..‏

    أيود الخروج؟!...‏

    أسئم الوحدة، ويريد التعرف على دنياه؟‏

    ليت والده هنا؟ أكد لي أنه سيأتي، فهو يريد أَنْ يرى ولده لحظة قدومه، وأنه قد اشتاق رؤيتي، وأنه يود أَنْ يشاهد بيته، وقال سأمضي معكما أشهراً، وأعقب بلهفة... أحبك.. بل أحبكما...‏

    ازداد الألم، ألم شديد.. هذا النوع من الألم لم أعرفه سابقاً.... الألم يتوقف، ويعود.. قوي.. ضعيف.. لا... بل قوي... ولا يحتمل...‏

    لابد أن الوقت قد حان...‏

    السائق يلحظ التغير الذي طرأ عليَّ. يسألني... سيدتي... أتودين الذهاب إلى المشفى يخفف سرعته، ويضيف... ما اسم المشفى الذي تودين الذهاب إليه؟‏

    أعطيه عنوان بيتي فقد زال الألم، وأنا لا أريد الذهاب إلى المشفى وحدي، والأمل ما زال يهمس لقلبي أَنْ قد أجد زوجي هناك ينتظرني ليرافقني إلى المشفى كما وعد. تُراه عاد؟ كم أحبه... صوته في أذنيَّ حتى وهو غائب، ونظرة عينيه الحانية المحبة في قلبي وملء عينيَّ في كل لحظات يومي...‏

    كم أشتاقه... لا أريد أَنْ ألد وهو بعيد...‏

    قد أموت.. أأمضي عن دنياه دون أَنْ أراه؟..‏

    الألم يعود، والسائق يقود ببطء شديد خوفاً عليَّ من مطبات الطريق، لكنه حين سمع آهتي أسرع وهو يهمهم.... لحظات ونصل... لحظات وحسب... المشفى، والوجوه الحبيبة. أمي. إخوتي، والطبيب، والألم شديد لا يُحتمل، وهو لم يأتِ...‏

    الخوف يفرد جناحيه، ويبني عشه في قلبي، والطبيب يقول... يجب أَنْ لا تفكِّري إلا في طفلك القادم. ركزي تفكيرك بالطفل، ويضيف.... ثوان وتسمعين صوته..‏

    سيدة لبنى.... لا أريد منك إلا القليل من الجهد...‏

    أحاول المساعدة. لكنَّ جسدي لا يتعاون معي فهو مُتْعب، ورأسي لا يُنصت للطبيب، بل ويشحنني بالأفكار...‏

    "حين لثمت عجلات الطائرة التي حملتني وأعضاء الوفد أرض اليابان... أدركت أنَّ الحلم غدا حقيقة، وأنَّ الخيال صار واقعاً ملموساً...‏

    ثلاث سنوات وأنا أعمل بجد واهتمام لأثبت جدارتي أمام رؤسائي في المؤسسة التي اخترت العمل فيها منذ البداية لأنها تُرسل المهندسين العاملين فيها إلى الدول الأوروبية، والآسيوية للتدريب...‏

    كانت السنوات تمضي سنة تلو الأخرى، وأنا أنتظر ولا أنصت لمن يهمس لي...‏

    "تحتاجين للدعم من أحد المسؤولين يا آنسة لبنى"... بل ويؤكدون أَنْ لا سفر دون دعم... لم أطلب من أحد دعماً أو توصية، وتحقق الحلم صباح يوم أخبرتني إحدى الزميلات قائلة....:"لبنى لقد وقَّع المدير قرار سفرنا معاً، وأردفت مؤكِّدة. لقد رأيت القرار على طاولته..‏

    خفت وقتها أَنْ أصدِّق...‏

    خفت أن أصدق فتتمرَّد حواسي وتفكُّ قيوداً كبَّلْتها بها منذ زمن بعيد..‏

    خشيت من حواسي أنْ تتحرر فجأة فتمارس أعمالاً فوضوية لم تعتدها، وتخطئ.‏

    خفت يومها أَن أصدق فيجتاحني الفرح، وأموت..‏

    خرجت من المؤسسة.. ركضت في شوارع المدينة كلها.. صرخت.. بكيت فرحاً.. ضحكت ملء قلبي..‏

    هذا كله فعلته، لكنْ بصمت، بسكون كعادتي، فالانفعالات الصاخبة نسيتها، نسيتها منذ زمن طويل... منذ....".‏

    ألم.. ألم... والطبيب مازال يردد... فكِّري بطفلك القادم وحده. انسي كل ما عداه..‏

    أفكر بطفلي القادم وحده... لماذا يقول هذا؟..‏

    تُراهم أخبروه أَنَّ زوجي لن يأتي، وأنني أحبه، وأنتظره؟‏

    تُراه حقاً لن يأتي؟‏

    أيعقل هذا؟..‏

    كيف لم أفكِّر بهذا الاحتمال؟‏

    ولكن... لماذا أفكِّر فيه؟..‏

    ألأنَ مَنْ ارتبطتُ به من جنسية أخرى؟..‏

    يا باني... وماذا في ذلك..؟ الحب والتفاهم هما الأساس، والأهم...‏

    ألم أتزوج من بلدي، وبيئتي وكان الفشل هو النهاية؟‏

    لقد اعتنق مصطفى الإسلام، واقتنع به..‏

    أحاول فتح فمي لأبتسم، لكنَّ الألم يمنعني.ألم شديد لا أستطيع تحديد موقعه، أو وصفه...‏

    تهاجمني الرغبة في الابتسام، فأفتح فمي لكنَّ صرخة الألم تنطلق..‏

    "يوم أعلن إسلامه أراد أَنْ نختار له اسماً عربياً، فصار الأهل، والأصدقاء يقترحون؛ كل يذكر اسماً، لكنني دون أن أشعر قلت له مصطفى، فقال الجميع... لا يا لبنى إنه اسم يصعب عليه لفظه، لكنه قال... أريده، هو اسمي منذ الآن، وأخذ يردده حتى استطاع إتقانه.‏

    أوه.. مصطفى.. أيها الحبيب... أين أنت؟‏

    ألم.. ألم لا يحتمل...‏

    مصطفى.. ألن تأتي أيها الغالي؟‏

    ألم، وصوت الطبيب يهمس العملية لابد منها لإنقاذ الاثنين...‏

    الخطوات سريعة، وقلبي يردد... يارب..‏

    "التجأت إلى الدين منذ مدة طويلة. التجأت إليه منذ اكتشفت أنَّ السعادة في الدنيا وهم، وأنَّ أيامنا نبدؤها بأمل، وننهيها بحلم نصحو منه على وهم، وقد قال كثيرون أنَّ أفكاري هذه كانت أحد أسباب طلاقي إِنْ لم يكن السبب الرئيسي، لكنني لا أوافقهم الرأي، فموافقتي على إنسان لا يناسبني، وسلبيتي وحدهما السبب"..‏

    ألم.. ألم.. ألم.. الوجوه باهتة، والأصوات خافتة، خافتة، ولا شيء..‏

    أحاول فتح عينيَّ، وتحريك جسدي المثقل بالتعب فلا أستطيع..‏

    أسمع صوت الطبيب يقول... الحمد لله على سلامتك..‏

    أحرِّك فمي لأجيب.. يقول الطبيب... سأخرج لأطمئن الأهل.‏

    أبذل جهداً لأخرج الكلام من فمي، فأنا أريد أَنْ أسأل... هل طفلي سليم...؟‏

    وهل جاء ذكراً كما تمنيت؟ وهل رآه زوجي لحظة قدومه كما تمنى؟‏

    لكن أأتى مصطفى؟!..‏

    لا.. لا يمكن ألا يأتي. هو يحبني كما أحبه بل أكثر، وزواجنا كان مثالياً، فقد كان القلب والعقل بالنسبة لكلينا هما الأساس في حدوثه...‏

    ثلاثون يوماً منذ قدومي مع الوفد إلى بلده، والحب لحن رقيق بديع الجرس يُعزف لنا بقدرة خارقة، فيمنحنا الغبطة، والرضى، ويجعلنا نرى وجه الحياة بشكل لم نعهده. لم يقل شيئاً.. ولم أقل.. لكن حين آنَ وقت السفر قال بتصميم، ولهفة... لبنى أنا أحبك.. أحبك....‏

    وقفت أمام فيض الفرح الذي غمر قلبي صامتة..‏

    نظر في عينيَّ بحيرة وخوف وقال... ماذا؟... لماذا أنت صامتة؟! ألا يعني هذا لك شيئاً؟.. تكلمي.. قولي أي شيء إلا أنك لا تبادليني مشاعري، وإلا أنك تودين الرحيل...‏

    تأملته وهو يستعطفني كطفل، تمنيت لو أستطيع أَنْ أضمه إلى قلبي، وأقول له أحبك.. لكنَّ الأفكار كانت قد بدأت تتصارع في قلبي، وفي عقلي... فعليَّ أَنْ أقول كلمتي.. أَنْ أقرر.. أَنْ أختار بين حياة خاوية مع رجل يكبرني بسنين لا حصر لها يريد أَنْ يجعل مني عكازاً لشيخوخته، وبين حياة تمتلئ بالحب والتفاهم والمشاركة مع شاب من جيلي... وصرخت بصمت لكنه ليس أي شاب... إنه من بلد آخر... ودين آخر... ودنيا لا أنتمي إليها أمي.. أبي.. معارفي... مدينتي كلها.. وماذا سيقول الجميع... كنت أنظر إلى عينيه المتسائلتين... المنتظرتين.... وأهمس لنفسي... ولم لا؟!..‏

    حسم هو الأمر كله حين وجدته إلى جانبي في الطائرة التي أعادتني والوفد إلى دمشق. احتضن يدي بين يديه، وقال... :"لبنى أنت جبانة.. لذا سأتصرف أنا"..‏

    غرفتي في المشفى تعجُّ بالأحبة.. أمي... أبي... إخوتي... أما هو فعيونهم تجيب عن استفساراتي الصامتة. تقول لي إنه لم يأتِ.. لكن تراه لن يأتي؟...‏

    قالوا.. اتصل وقال سيتأخر لأنه مسافر من أجل عمل ضروري...‏

    ابني أسميته مصطفى. حملته وعدت إلى بيتي، وبعد بضعة أيام وصلت رسالته، رسالة زوجي الغائب...‏

    بضع صفحات تزخر بكلمات تقطر رقة، وعذوبة، وحباً...‏

    بدأ كلامه بكلمة أحبك، وأنهاها بها، أقسم أنه أحبني، ويحبني، وسيظل يحبني إلى نهاية عمره، ..........لكنه أدرك أنه لن يستطيع أَنْ يعيش بقلبين، وعقلين، وجسدين، زوجته هناك وولده، وطنه، ودنيا اعتادها...‏

    "قال... لن أستطيع رؤية ولدي.. أخاف أَنْ أحبه، وأرتبط به.. يكفيني حبك يا لبنى، وحرماني منه. سأذكرك وطفلي ما حييت. من خلال طفلي وذكرياتنا أذكريني"..‏

    رسالته بين يدي، وطفله إلى جانبي، وهو لن يعود..‏

    تراه وهم؟‏

    أأحبت إنساناً نسجه خيالي، وأنجبت طفلاً من رجل ليس له وجود إلا في أحلامي؟...‏

    ألأنه رائع تسرب من دنياي كشعاع شمس غاربة؟..‏

    رسالته بين يدي، وطفله إلى جانبي، وحبه في قلبي، وذكريات أيام عشناها معاً تسكنني..‏

    رسالته حقيقة، وطفله حقيقة، وحبه حقيقة، والذكريات أحلى حقيقة، لن يعود...‏

    قالها بحب، وأنا سأتلقاها بحب أيضاً..‏

    لكنه حب منسوج بالتفاؤل، ومغزول بخيوط الأمل...‏

    ***‏









    تنزيل نسخة مضغوطة عن الكتاب
    http://www.awu-dam.org/book/01/stories01/182-W-A/182-W-A.zip






    ......................................................................تحياتي.........................................

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 5:11 pm