مــقـدمــــة
تُعد الخصومة بين الطائيّين أولى المعارك النقدية في تاريخنا الأدبي، وتكمن أهميتها في أنها أساس نظرية العمود الشعري، وما يقابله من نزعة حداثية في الشعر والنقد.... وفي كونها خلاصة الرؤيا النقدية العربية، وخلاصة نظرة النقاد إلى الشعر الجاهلي وأثره في توجيه النقد.
وما العودة إلى هذا الموضوع إلاّ عودة إلى أسس نظرية النقد العربي والشعرية العربية متجلّية في (العمود) لنبيّن في النهاية أثر ذلك في جمود الشعر، لعلنا نستشف منه أسس النهضة والتحديث، بالتواصل مع التراث وحركاته.
[size=12]من هذا المنطلق بدأتُ بدراسة الخصومة، فهي الأسبق زمنياً على نظرية العمود التي توضحت وترسخت مع المرزوقي، وإنّ عادت جذورها إلى الآمدي والقاضي الجرجاني
[size=12]وقد عمدت في ذلك إلى رصد آراء القدماء والمحدثين، فيما يتعلق بالموضوع، فكانت الدراسة خلاصة الموقفين القديم والحديث، بحيث يمكننا القول إنها دراسة النقد القديم بأقلام المحدثين.
[size=12]ولم تغفل الدراسة الإفادة من النظريات الحديثة، فأشارت إليها في مقام المقارنة مع القديم، لا لترجيح كفة أحد الطرفين، وإنما لغرض التوضيح بالمقابلة.
[size=12]وقد قسمت البحث إلى قسمين: تناول الأول الخصومة ومظاهرها وأطرافها وأهم القضايا النقدية التي أثارتها. وتناول الثاني عمود الشعر: جذوره وأهم قضايا النقد التي طرحها.. لأخلص من ذلك كله إلى بيان أثر نظرية العمود في جمود الشعر العربي وتحوّله إلى صنعة شكلية .
[size=12]غير أن سنّة الحياة تأبى إلاّ أن يعود للشعر ألقهُ وتتغيّر رسالته ولكن هذا لا يعني رفض كل قيم (العمود) بدعوى التحديث.. فمعرفة القديم خير سبيل للتجديد والتجدّد متجذّريْن في تراثنا.