مقدمــــة
خليل البيطار كاتب جاد كثير التروي... لا يبدو عليه الاستعجال في شيء... تحدثه فيصغي بانتباه، ويتحدث فيمضي إلى الجوهري مباشرة... وقد خيل لي أنه لا يحب المقدمات بل يخيل لي أيضاً أنه لم يتعلم السباحة على شاطئ بحر الكتابة بل في الأماكن العميقة من ذلك البحر..
لا أدري إن كان الأستاذ خليل قد مارس التعليم... لكن ما لا أشك فيه هو أنه "معلم" في كتابة القصة القصيرة... تبدو براعته حين يكتبها للكبار وتبدو أنصع حين يكتبها للأطفال... ويخيل لي أنه يدرك أن الكتابة للأطفال أصعب وأخطر من الكتابة للكبار فيبدي نحوها المزيد من العناية، ويظهر فيها المزيد من البراعة، مع كبير عنايته في كتاباته الأخرى.
[size=16]وهو معلم يؤمن بقدرة الكلمة على الفعل وبتأثيرها الكبير على تكوين الشخصية فنراه ينتقيها ويمحصها قبل أن يسلكها مع أخواتها في عقد العبارة... ومن سبك العبارات الدقيق ينبثق الجمال الرصين وتبزغ الحكمة... والحكمة هنا جادة تكاد تكون صارمة لكنها لا تقترب من حدود التزمت... إنها ابنة الحياة كما إنها ابنة طبع الكاتب... فهي لا تعرف العبوس والتجهم ولا تعرف الابتسام والضحك... وهي متزنة ومتوازنة تتوجه إلى القلب بقدر ما تتوجه إلى العقل...
[size=16]وإذا كانت قصصه مفعمة بالحكمة فهي لا تضحي بجمالها ورونقه من أجل الحكمة... إنها عصافير جميلة متناغمة الألوان لكل جناح من جناحيها القدرة التي لأخيه على الطيران. والعصافير قد تصير مكتنزة الأجسام لكنها لا تترهل أبداً...
[size=16]وهي أضمومة من غراس الورد تُزرع في بستان أدب الأطفال الذي يزداد جمالاً عاماً بعد عام.