الفصـل الأوّل
(1)
قال لي بعض الناس في مدينتنا"إيلموروج": إن هذه القصة شائنة ومخجلة جداً، وإنها يجب أن تدفن في دياجير الظلمة الأبدية.
[size=12]وقال آخرون: إنها مصدر للدموع والأحزان، وإنها يجب أن تظل طي الكتمان لكي لا نذرف الدموع مرة ثانية.
[size=12]سألتهم: كيف لنا أن نغطي الحفر في فناء منزلنا بأوراق العشب، معللين لأنفسنا أنه بسبب عدم قدرة عيوننا على رؤية الحفر الآن؛ فإن أطفالنا يستطيعون أن يتبختروا في فناء المنزل كما يشاؤون.
[size=12]سعيد هو الإنسان الذي يستطيع تمييز المطبات في طريقه، لأنه يستطيع بذلك تجنبها.
[size=12]سعيد هو المسافر الذي يستطيع رؤية جذوع الأشجار في طريقه، لأن بمقدوره أن يقلعها أو يمشي حولها بحيث لا تجعله يتعثر في مسيره.
[size=12]إن الشيطان الذي يؤْثر أن يقودنا إلى داخل عمى القلب وصمم العقل، يجب أن يُصلب، كما يجب أن نعنى بأن لا ينزله أتباعه وأعوانه عن الصليب لكي يتابع عمله في بناء جهنم لأبناء الكرة الأرضية.
[size=12](2)
[size=12]وأنا، حتى أنا، رسول العدالة، شعرت بهذا العبء يرهق كاهلي بادئ الأمر، فقلت: إن غابة القلب لا تنظف تنظيفاً كاملاً من كافة الأشجار. إن أسرار بيت الإنسان يجب أن لا تبلغ أسماع الآخرين وإن"إيلموروج" هي بيتنا.
[size=12]جاءتني والدة"وارينجا" عند بزوغ الفجر، وتوسلت لي والدموع تنهمر من عينيها قائلة: يا"جيكاندي"، إروِ حكاية الطفلة التي أحببتها حباً جماً. ألق الضوء على كل ما حدث، بحيث لا يستطيع أحد إطلاق حكمه إلا بعد معرفة الحقيقة بكاملها. يا"جيكاندي"، اكشف النقاب وعرِّ كل شيء خفي.
[size=12]ترددت بادئ الأمر، وأنا أسأل نفسي: من أنا- الفم الذي أكل نفسه؟ ألا يحكى أن الوعل لا يكره الإنسان الذي يراه بقدر ما يكره الإنسان الذي يصيح لكي ينبه الناس إلى مكان وجوده؟
[size=12]عند ذلك فقط سمعت صرخات الرجاء الصادرة عن أصوات عديدة، يا"جيكاندي"، يا رسول العدالة، اكشف النقاب عن كل ما يقبع مخفياً في الظلام.
[size=12]بقيت بعد ذلك سبعة أيام صائماً، دون طعام أو شراب، لأن فؤادي تقرح كثيراً من تلك الأصوات المتوسلة. ومع ذلك سألت نفسي هل يمكن أن يكون ما أراه أضغاث أحلام دون أساس مادي، أو أن يكون ما أسمعه مجرد أصداء للصمت والسكينة؟ من أنا، الفم الذي أكل نفسه؟ ألا يحكى أن الوعل يحمل كراهية أكبر لمن يكشف مكان وجوده بالصراخ؟
[size=12]وبعد أن مرت الأيام السبعة، اهتزت الأرض ووشم البرق السماء بضيائه وبهائه، ورُفعت أنا إلى أعلى، وحُملت إلى سطح المنزل، وعرضت علي أشياء كثيرة، وسمعت صوتاً كأنه قصف رعد هائل يلومني ويذكرني: من قال لك إن تلك النبوءة لك وحدك، تستأثر بها بمفردك. لماذا تسلح نفسك باعتذارات واهية فارغة؟ إن تفعل ذلك، لن تتخلص أبد الدهر من الدموع وصيحات الاستغاثة.
[size=12]وفي اللحظة التي سكت فيها الصوت، أُلقي القبض علي، رُفعت إلى أعلى ثم طرحت داخل رماد الموقد. تناولت الرماد، ولطخت وجهي وساقي به ثم صرخت:
[size=12]إنني أقبل
[size=12]إنني أقبل
[size=12]أسكتوا صرخات القلب
[size=12]كفكفوا دموع الفؤاد....
[size=12]الحكاية هي ما رأيته أنا، رسول العدالة، بأم عيني، وما سمعته بأذني حين حُملت على قمة سطح المنزل...،
[size=12]لقد قبلت. لقد قبلت.
[size=12]إن صوت الشعب هو صوت الله.
[size=12]ذلك هو ما دعاني للقبول. ذلك هو ما دعاني للقبول
[size=12]ولكن لماذا أتسكع على مهل على ضفة النهر؟
[size=12]لكي أستحم ينبغي أن أخلع كل ثيابي
[size=12]ولكي أسبح ينبغي أن أغطس في النهر
[size=12]الأمر جيد بهذا الشكل
[size=12]فتعال، تعال يا صديقي،
[size=12]تعال ولنحاكم الأمور معاً
[size=12]تعال ولنحاكم الأمور معاً الآن
[size=12]تعال ولنحاكم الأمور معاً فيما يتعلق،
[size=12]بـ"جاكينتا وارينجا" قبل أن يصدر الحكم على أبنائنا.