الفصل الأوّل (عيون تبحث عن الحلم)
ـ 1 ـ
عزّ على سعد أن يغادر بلده هكذا، وقد ضاقت به السبل، وأصبح الخيار الوحيد أمامه أن يسافر إلى بلد آخر يبحث فيه عن مصدر جديد للرزق، وهو الكفاءة النادرة التي تحتاجها بلاده أيضاً..
[size=12]بعد يومين من الاستعداد لنفسي للشعر جهّز حقيبته الكبيرة التي تحوي ملابسه، وحقيبة أخرى تحمل ما يحتاجه من كتبه وأوراقه وبحوثه، واتجه وحيداً صوب المطار وفي القلب حزن عميق على فراق البلاد التي أحبها ولم تمنحه الشعور بالأمان، وقد وضع في مكان لا يتناسب مع كفاءته..
[size=12]انتهت معاملات سفره بسهولة، ووجد نفسه فجأة في قاعة الانتظار التي تنفتح على بوابات الطائرات، ينتظر الأمر بالعبور إلى طائرته.. حدّق حوله في الوجوه المتعبة التي تنتظر وهي تقطّع الوقت بالقراءة والأحاديث أحياناً، والتحديق في البعيد في شرود يحمل القلق والحيرة والترقب..
[size=12]شعر بيد توضع على كتفه، فالتفت ليجد وجهاً مألوفاً لصبية في أواسط العمر تبتسم له.. قفز مذهولاً:
[size=12]- لينا؟ معقول؟
[size=12]ـ كيف حالك يا سعد؟
[size=12]ـ بخير.. اجلسي يا لينا هنا.. هل أنت مسافرة معنا؟
[size=12]ـ نعم.. إلى نيويورك أيضاً.. نفس المدينة التي تقصدها..
[size=12]ـ وكيف عرفت؟
[size=12]ـ بالمصادفة.. لي صديقة تعمل بشركة الطيران، هي التي أخبرتني عن سفرك إلى أمريكا، كانت تعلم بعلاقتنا..
[size=12]ـ وماذا ستفعلين في نيويورك؟
[size=12]ـ أنا أعمل هناك..
[size=12]ـ ماذا تقولين؟
[size=12]ـ اعمل في مؤسسة صحافية، تهتم بالدراسات الشرقية القديمة.. إنه اختصاصي كما تعلم..
[size=12]ـ نعم... نعم.. آه يا إلهي منذ زمن طويل لم أرك.. لا تتصوري كم أنا سعيد بلقائك..
[size=12]ـ لم تتغير كثيراً..
[size=12]ـ أربع سنوات ليست زمناً كافياً للتغيير..
[size=12]ـ أربع سنوات وسبعة أشهر و(20) يوماً..
[size=12]ـ تحفظينها بدقة؟
[size=12]ـ وكيف لا أحفظها وقد تغيرت حياتي بعد آخر لقاءاتنا..
[size=12]ـ أنا آسف يا لينا، لم أكن أملك زمام نفسي، كنت محاصراً بواقع بغيض، دمر الكثير من طموحاتي وآمالي.. أتعلمين لماذا أسافر إلى نيويورك؟
[size=12]ـ مؤتمر علمي؟
[size=12]قال متنهداً:
[size=12]ـ ليته كان مؤتمراً علمياً، أنا أسافر مهاجراً.. وربما لن أعود إلى هنا إلاّ بعد سنوات.. وربما لن أعود أبداً..
[size=12]ـ ووالدتك..؟
[size=12]قال بحزن:
[size=12]ـ رحمها الله توفيت منذ عامين..