المقدمة: د. علــــي جـــــواد الطاهـــــر
نشرت ذات يوم (6/9/1992) على الصفحة الثقافية من جريدة الثورة تحية لشاب موصلي ينظم قصائد تلفت نظر الباحث عن الابداع بأبيات هنا ومقطعات هناك، تلفت نظره وتهزه وتريه الواجب في أن يقول كلمة فاستجاب وقال واثقاً من جمال الأبيات والمقطعات المختارة وثوقه من غد تأتي فيه القصيدة كلها -والشاب طويل النفس- مبدعة مكتملة مترفعة عن التقليد، حاصلة على الأصالة متسقة الأجزاء سليمة الوزن دقيقته، حتى الدخول في حدود الايقاع، متمكنة من القافية! أجل القافية، فقد كانت القصائد الأولى وقصائد لاحقة بها تضعف فيها أبيات ويظهر تكلف القافية، وتبرز أدلة على أن الشاعر يحاول، ويتقدم، ولكنه مازال في مرحلة من مراحل الابتداء، وعدته -وعدة المبشر به- هذه الشذرات التي لا يقولها أي أراد القول، ثم هذه المثابرة والتنوع أصالة وحباً للشعر نفسه وليس بغرض آخر خارجي وانسجام مع الشعر، وروح شفاف حساس إنساني قل نظيره في الجيل حتى إننا حين قلنا -ونقول" موصلي" فلا نعني المحلية الضيقة وإنما هي إشارة إلى التعريف وإلى أن الموصل -ذات التاريخ العريق- على أبواب أن تجد شاعرها، وليس المقصود "بشاعرها": المعنى الضيق، فشاعر المعنى الضيق ليس بالشاعر المكتمل، ولكن بالمعنى الواسع الذي يخرج عن البيئة المحدودة بهموم عراقية -عربية إلى عوالم فسيحة من الأفاق الإنسانية.