صراخ في حانة الحي
في آخر بلدتنا حانوتٌ يسكنه خمّار الحيِّ..
يبيعُ ظلالاً هائمةً،
[size=12]ورفوفاً من وهمِ الساعات..
[size=12]خوابي نشربها حتَّى يتراخى العقربُ فوقَ القلبِ،
[size=12]وينتشَر النحلُ المسمومُ على الجدرانِ..
[size=12]فنخبو بينَ الثلجِ وبينَ الماءْ
[size=12]ويغورُ الرأسُ إلى الردهاتِ ثقيلاً..
[size=12]يحملُ تابوتاً في جمجةٍ..
[size=12]تتأرجح ذاتَ يمينٍ مشتعلٍ،
[size=12]وشمالٍ منحطم الأضواءْ
[size=12]مراًتٍ..
[size=12]يسألنا الّخمار عن الآتي..
[size=12]عمّا يتضاءلُ فينا..
[size=12]عن أفقٍ للغيث تباعدَ..
[size=12]عن لغةٍ لا تسألنا..
[size=12]لا نسألُها..
[size=12]عن فاتحةِ الوقتِ الموبوء،
[size=12]وقيظِ الداءْ
[size=12]وفحيحِ سعارٍ مختبيءٍ في باطنِ ليل..
[size=12]محترقِ الأرجاءْ
[size=12]والليلة باردةٌ،
[size=12]والبوحُ شهيٌّ في شطحاتِ الخمرِ،
[size=12]وأفياءِ الخدرِ المترامي في الأنحاءْ
[size=12]والليلةُ طازجةٌ،
[size=12]والوقتُ شتاءْ
[size=12]قال الأصحابُ: " ستعبرنا عرباتُ الخوف قريباً يا خماّرُ..
[size=12]فهيّءْ داليةً ودناناً..
[size=12]قبلَ جفافِ الغصنِ،
[size=12]وقبل جفافِ الرأسِ،
[size=12]وقبلَ رحيلِ اللونِ إلى منفاهُ،
[size=12]ودفقِ اليابس في الأشياءْ
[size=12]والصمتُ سيرسمُ خطوتنا في أقصى الريحِ..
[size=12]لنعبر جسرَ المهزومين فرادى..
[size=12]ذات مساءْ
[size=12]هيّءْ حانوتك.. فالغيم المتراخي..
[size=12]يهطلُ شؤماً في الأفياءْ "
[size=12]والليلةُ باردةٌ تتأرجحُ خائفةً،
[size=12]والريحُ مسافرةٌ في الروحِ،
[size=12]وعصفورٌ في البالِ يرفُّ..