ندمْتُ على التأنّي
كبرْتُ إذنْ.. تثلَّمَ سنُّ سني
وضاعَتْ أجملُ الأيامِ منّي
شبابٌ قد مررْتُ به مراراً
كأنّي ما مررْتُ به.. كأنّي
صحوْتُ على الكهولةِ وهي ترعى
عناكبُها الشقيَّةُ فوق غصني
تلوْتُ على الحديقةِ ياسميني
وودَّعْتُ الأغاني والمغني
ولم أفرحْ بنجمٍ زار ليلي
حزنْتُ على شعاعٍ لم يزُرْني
سلاسلُ من غبارٍ حول قلبي
مع اني في الهوى ريحٌ تغني
وها أنذا بوجهِ الليلِ سدٌ
بأجنحةِ الخيالِ هدمْتُ سجني
ورغمَ كثافةِ الأحزانِ حولي
رأيْتُ الشَّمسَ من بلَّلورِ حزني
جنى حبَّاً عليَّ الشعرُ يوماً
وما أحلاكَ يا هذا التجنّي!!!
تُميّزني طقوسٌ عن سوايَ
وللشعراءِ فنُّ غيرُ فني
ومن هذي الطقوسِ النومُ صحْواً
على قلقِ الخيالِ المطمئنِّ
مزاجيٌّ.. وشكَّاكٌ، وأسعى
لكشفِ حقيقتي بيقينِ ظنّي
أُعذِّب زوجتي بشرودِ فكري
ولولا طيبتي لم تحتملْني
تخضُّ دمي فأغضبُ.. حين أصفو
دوالي الكرْمِ تقصدُ خمرَ دنّي
دمي حرّيةٌ بلغَتْ مداها
وأبحثُ عن مدى رحبِ التمنّي
إذا أنا لم أكنْ قمراً حنوناً
فمنّ يحنو على اللّيل المُسِنِّ
هي الأيّامُ تسرقُنا خطاها
بمعولها تهدُّ .. ونحنُ نبني
تمدُّ لنا ثماراً نشْتهيها
نحدِّقُ نحن فيها.. وهي تجنْي
قطارٌ فاتَ.. والستونَ طَلَّتْ
على السبعينَ طيفاَ زار جفني
أُسلِّمها مفاتيحي.. وأبكي
فترثيني بشعري قبل دفْني
أغُفُّ على ثواني العمرِ نهْباً
فتهربُ من يدي وتطيرُ عني
وكَمْ هربَتْ طيورٌ من شِباكي
لأني لم أُبادرْها.. لأني
ندْمتُ على التأنّي في شبابٍ
مضى.. إنَّ الندامةَ في التأنّي
****
16/5/2005