حِكايةُ عِشْقِ مَمْنُوعٍ
آنَ تَلقّفنا ذاكَ الإسفلتُ المجدورُ
كان شواظُ الظُّهْرِ يسوطُ الرأس بألوانِ القيظِ...
[size=12]ونادتنا لافتةٌ مُتْعَبَةٌ
[size=12]كانَتْ أبوابُ "المعرِضِ" هَمْساً مَكتوماً....
[size=12]وتَوقَّفنا...
[size=12]قُلنا.. نقرأُ بعض العُنواناتِ ونمضيْ
[size=12]لَفحَتنا أنفاسُ الحرفِ المأسورِ فَغِبنا...
[size=12]بينَ صُفوفٍ مُتداخلةٍ .
[size=12]يتفرَّدُ في صدرِ "المعرضِ"... ديوانٌ..
[size=12]
[size=12]يعرضُ في نَزَقٍ.. شِعْراً مُنْضَبِطاً
[size=12]عَرْبَدَ ديوانٌ لصديقٍ...
[size=12]يتصعلكُ في حاناتِ الشِّعرِ الممنوعِ بأزمانٍ مُوحشةٍ
[size=12]شارَبَهُ "الملكُ الضِّلِّيلُ" ثلاثةَ أقْداحٍ
[size=12]وأراقَ "ابنُ العَبْدِ" الرَّابعَ في صدرٍ
[size=12]مفتوحٍ لرياحِ الأرضِ
[size=12]عَرْبدَ "ديكُ الجِنِّ" بصوتٍ يخنقُهُ العشقُ.
[size=12]كان حواراً... ناراً
[size=12]وارتفعتْ أصواتُ التَّفعيلاتِ تُؤَلّفُ أنغاماً مشكلةً.
[size=12]راشَقَني "أَدَبُ الكُدْيَةِ" نِظْرَةَ عِشقٍ
[size=12]أعرضتُ بحرصِ الخائفِ ألاَّ يسقطَ في شَرَكِ العِشْقِ
[size=12]وصاحَ الطّينُ: لا عشقَ معَ الجوعِ... صديقي.
[size=12]خالسَني ثانيةً...
[size=12]أخذتْني الرِّعدةُ...
[size=12]جَرَّرني الطّينُ... بعيداً
[size=12]
[size=12]
[size=12]واشتعلتْ في الرُّوحِ الآثمِ نارُ الشَّوقِ إلى الأسرارِ
[size=12]راودتُ الطّينَ ليبتاعَ كتاباً..
[size=12]ذُعِرَ الطّينُ:
[size=12]وَهْمٌ هذي الكتبُ
[size=12]وَهْمٌ.. هذي الأشعارُ وتلكَ الأفكارُ الخرقاءْ
[size=12]وَهْمٌ كليالي المسروقينَ الفقراءْ
[size=12]ويُنَظِّرُ ذاكَ النّاقدُ...
[size=12]يعرضُ أفكاراً في النَّقدِ ، ونَقْدِ النَّقْدِ
[size=12]فما أغباهُ
[size=12]حينَ ينوسُ كقنديلٍ يسكنُهُ فَقْرُ الزّيتِ
[size=12]وفَقْرُ دماهُ.
[size=12]خاتلتُ الطّينَ قليلاً
[size=12]ونظرتُ إلى صفٍّ من كتبٍ "خضراءْ"
[size=12]لامستُ الأوَّلَ، مَسْحُوراً، بأنامِلَ واجِفَةٍ
[size=12]نَبَتَتْ في زاويةِ المعرِضِ عينُ إلهٍ راصدةٌ...
[size=12]
[size=12]
[size=12]كادتْ تَضبطني.
[size=12]قلتُ: اسْتغواني هذا الصفُّ الأخضرُ من كتبِ الأجدادِ
[size=12]وما أغواني.
[size=12]- بلْ كِدْتَ.. تلامِسُهُ
[size=12]أَتَهَجَّا في عينيكَ الشوقْ
[size=12]أَتَقَرَّا في صدركَ نأمةَ عشقٍ...
[size=12]جرّوهُ.
[size=12]أُوقِفْتُ أمامَ العرشِ تُقَلِّبني عينُ كبيرِ الأربابِ..
[size=12]وسحَّ الذُّعرُ.
[size=12]قال: تَمرَّستَ بعشقِ الكتبِ "الصّفراءِ"
[size=12]وتلكَ ذُنوبُ
[size=12]ها أنتَ تخاتِلُنا.. في السّرِّ.. لتبتاعَ كتاباً.
[size=12]قلتُ: أتوبُ.
[size=12]أستغفركَ اللّهمَّ إلهَ الجوعِ
[size=12]فذنبي لا يمحوهُ الدَّمْعُ وأنتَ الغَفّارُ المَرْهُوبُ
[size=12]لن أقرأَ بعدَ اليومْ
[size=12]يكفينا عرشُكَ يامولايَ ففيهِ العلمْ
[size=12]أنَ العالمُ والعَلاّمُ
[size=12]وأنتَ الكاتبُ والمكتوبُ
[size=12]مولايَ.. العفوَ
[size=12]فلن أقرأَ بعدَ اليومِ
[size=12]أعودُ.. غبيَّا
[size=12]مولايَ... أعودُ كما تبغيْ.. ولداً أُمِّيَّا
[size=12]مولايَ.. تطهّرتُ من الحرفِ بنارِ الجوعِ
[size=12]استسلمتُ.. وأسلمتُ غواياتيْ
[size=12]ماتْت في النَّفسِ... ضَلالاتيْ
[size=12]***
[size=12]وسوستِ الرُّوحُ بهمسٍ مُخْتَنِقٍ:
[size=12]هَيَّا ... فالمعرضُ مفتوحٌ
[size=12]هَيَّا.. لا ندخلُ بلْ ...
[size=12]ننظرُ مِنْ خلفِ نوافذِهِ ... ونؤوبُ.
[size=12]قاتلُني هذا العشقُ..وهذي الكتبُ الخضراءُ
[size=12]فكيفَ أتوبُ؟!