على بعد فرنفلةٍ منّي
بعد الأزمة القلبية التي مررتُ بها. وكان حصادُها انسدادَ أربعة شرايين
تلك الأزمةُ ما عبسَتْ
إلاّ ابتسمَتْ
كانَ الموتُ على بعدِ قَرَنْفلةٍ مني
أو أدنى
يتعَّقبُني في كل مداراتِ الغيمِ
ولا يلقى لي وَطَنا
هذي الليلةَ.... شدَّتني
من ناصيةِ القلبِ... ترنَّحْتُ
كعصفورٍ كسرَتْ
أنيابُ الريحِ له الفَنَنا
لما لم تلْقَ لها
فوق سريري سَكَنا
رفتْ بجناحيْها السوداوينِ
ومزًّقَتِ الكَفَنا
الحمدُ لسنبلةٍ من صوبِ الله أتتْ
نفخَتْ في صورِ دمي
فاتَّسعتْ أجنحتي
شكراً لدعائكِ يا أمي
أنَّكِ كنتِ هنا
الموتُ أُصيبَ بسكتتِهِ
ونجوْت أنا
...
يا أجنحتي اتّسعي أكثرَ أكثرْ
حتى تَسَعي العالَم منْ
أولِ حبَّةِ جوعٍ
غصَّتْ في حلْقِ البيدرْ
حتى آخرِ قطرةِ فرحٍ
نزَفَتْ من عينِ فقيرٍ أسمرْ
اتّسعي أكثرَ أكثرَ وارتفعي
طوفي بكؤوسِ النُّور معي
ما أنتِ بأجنحةٍ
أنتِ ملائكة الفَجْرِ اشتُقَّتْ
من ضلعِ الكوثرْ
لا تحملُ شوكاً أسودَ
أو جمراً أحمرْ
وردٌ يا فاويٌّ بين أصابعِها
ورصاصٌ يرفعُ غصناً أخضرْ
طوبى للحبِّ يُبلّلنا برذاذِ قصائدِه
ويزورُ مدينتَنا
من دونِ بنادقَ أو عسكرْ
لا لنجومٍ
تفتحُ شهوتها
لخناجرِ كلِّ الجلاّدينِ ولا
تملكُ في الليلِ
سريراً لفراشةِ حقلٍ أقفرْ
اتَّسعي أكثرَ أكثرَ أكثرْ
لن يهرمَ أبدا
ما زالَ بخيرٍ قلبي
هي ذي الشمسُ ترفرفُ بين أصابعِهِ
وصبايا الوردِ بلا وعدٍ
يتسابقْنَ لشربِ القهوةِ من
فنجانِ براءتهِ
من أين يسيلُ إذنْ
ماءُ القمَرِ على
سطح مدينتنِا
لو لم يصعْد قلبي
ليعطِّرَهُ بذوائبِ فضَّتِهِ؟؟؟
لن يهرَم قلبي أبدا
مهما أحنى الزَّمنُ القاسي عودَهْ
كلُّ طيوري تحلُمُ بالقمحِ
سمائي بالأنجمِ موعودَهْ
ودمي خابيّةٌ ملأى
بنبيذِ النارِ
إذا شئتُ سماءً أرفعُها
أو شئْتُ طيوراً أصنعُها
أو شئْتُ امرأةً أبدعُها
من شمعِ خيالاتي المرصودَهْ
أتماسَكُ تحت مظلَّةِ
هذا الطقسِ الموبوءِ ولا
خوفَ على شجري
ما دامَتْ سُحُبي
تنتجُ أمطاراً
عاليةَ الجودَهْ
********
****
تلك هي الدنيا
تفاحتُنا الأولى
روَّضْنا خيلَ حلاوتِها
فرمْتنا في قاعِ مرارتِها
وأنا الشاعر فيها
يا ساسةَ هذا الوقتِ ولا
ينقُصُني إلاَّ رؤياكم
وأظلُّ على حذرٍ
حين أُقبِّلُ وجْهَ مراياكم
كي لا يغرَقَ وجهي
خلفَ غباشِ خطاياكُم
أو تنتقلَ إلى شفتَّي العدْوى
فأصيرَ كهذي الدنيا
أطيافاً حافيةً
تسقطُ في بئرِ اللاَّ جدْوى
تلك هي الدنيا
وأنا مسرورٌ فيها
هذي أزهارُ حديقتِنا
تنمو عفْوَ الخاطرْ
لا شيءَ يعكِّرُ صَفْوَ مدينتِنا
مثلُ خفافيشٍ
تنبعُ من ليلِ نهارٍ فاجرْ
وأنا مسرورُ فيها
وقليلٌ من ماءِ الحزنِ
يلمِّعُ ضوءَ صباحي
لا أطلبُ شيئاً إلاَّ
أن يبقى كرْمُ العنبِ لنا
مكتنزاً بالعُلِّيقِ الجائعِ
والعَلَقِ البارعِ
في مصِّ دِماءِ العملاءْ
لا أطلبُ إلاّ أنْ
يرجعَ من منفاهُ إليَّ الحبُّ
وألاّ يخرجَ عن
دمهِ الوردُ إلى ماءْ
لا أطلبُ إلا أنْ
يتغمَّدَني الشعرُ بواسعِ معناهُ
فيتركُني حين يشاءُ
ولا أتركهُ
حين أشاءْ
شكراً لدعائِكِ يا أمي
أنَّك كنتِ هنا
الموتُ أصيبَ بسكتتِهِ
ونجوْتُ أنا
شباط 2006