الوجـه الأول الفــتــــــــاة
- ما أروعها بنتاً تشبهك يا حبيبتي!! قال مازن وهو يمسد أعلى بطني براحة كف ملؤها الدفء والحنان!!
-ما أروعه صبياً يشبهك يا حبيبي!! رددت بصوت ينضح غبطة وسعادة تصلان حد النشوة، وأنا مازلت مستلقية في سريري أتثاءب والقيلولة الطويلة لما تفك قبضتها عن أجفاني بعد. آه يا للقيلولة كم أحبها!! ترخي ببدنك كله بعد تعب النهار، وقد ملأت معدتك بما لذ وطاب فاسترخى كل ما فيك... ليأتي دور الحب!! فلا قيلولة بلا حب... مازن حريص عليه حرصي أنا أو أكثر. مذ تزوجنا صار ذلك طقساً من طقوسنا والطقوس مقدسة ينبغي الحفاظ عليها. ثمانية عشر شهراً عمر زواجنا وثمانية عشر شهراً ظللنا محافظين على ذلك الطقس. في الشهر الأخير فقط بدأ مازن يخشى الاقتراب مني فأشده إلي، أداعبه، أدغدغه، أَضمه، أقبله، فتذهب خشيته أحياناً ونعود لممارسة طقسنا الجميل ولا تذهب أحياناً أخرى. هو من حقه أن يخشى، فقد كان بطني يندفع أمامي ككوز الماء.. صحيح أنه ليس كبيراً كثيراً إذ هو بطني البكر، لكن الصحيح أيضاً أنه بات يجهدني.. فأتعرق أحياناً وألهث أحياناً أخرى وأنا أتمايل بكوزي المندفع أمامي ولا يملك زوجي وحبيبي إلا أن يشفق علي ويشعر بشيء من الخوف. لكنني لا أستسلم لخوفه. أشعر أن الحياة ينبوع ماء سرعان ما ينضب. بودي لو أمدد كل ثانية من تلك الحياة ساعة أو يوماً أو سنة، لأنهل من ذلك الينبوع وأنهل علني أرتوي.. هي لذيذة، جميلة، شهية هذه الحياة فلماذا لا أغتنم كل لحظة منها، أصنع فيها الفرح والمرح، السعادة والهناء؟ في بلدتنا كان ثمة شيخ عجوز لا يبصر إلا بالكاد، لا يسمع إلا بالكاد، لا يمشي إلا بالكاد... سألوه ذات مرة.. أية لذة تجدها في هذه الحياة؟ فأجاب، وهو يهز رأسه محركاً يديه حوله، "هذا الهواء الذي استنشقه أليس استنشاقه بحد ذاته لذة تفوق كل لذة؟" ذلك العجوز على حق.. الحياة حلوة، فيها الهواء، الماء، النور، وأشياء وأشياء يعجز المرء عن عدّها فكيف لا تكون جميلة؟ كيف لا يتمسك بها ذلك العجوز؟ كيف لا أعمل أنا على اقتناص كل لحظة من لحظاتها؟