-1-
-اشرب يا رجل.
-تكفيني رائحة النبيذ.
[size=12]أجبروه على ارتشاف الكأس الأولى، وأحس بدبيب ناعس يسري في رأسه، أراد أن يختبر متعة الخمر، فألح على الكأس الثانية. خلع رأسه، ومشى دون رأس. عيناه اتسعتا كمرآتين مدورتين، صارتا مكان الرأس كله.. وبدا له وجه الميناء أكثر صخباً، وإضاءة.
[size=12]-ستسافر في الصباح!
[size=12]كان يحتاج إلى مزيد من النبيذ، فهو لم يجرّبه من قبل. يظل حمدوش يزرع فيه صوته:
[size=12]-الدنيا دون شراب خراب.
[size=12]لم يكن الجبلاوي فرحاً ولا حزيناً.. فهو يجهل تماماً تحديد مشاعره.
[size=12]يتذكر أنهم جاؤوا به إلى مقهى الميناء للاحتفال قبل سفره.
[size=12]-ما الذي يريده فاضل مسعود؟!.
[size=12]سألوه ذلك بإلحاح لمعرفة الغاية من اللقاء. هو لم يفكر بلقائه من قبل، ولم يكن يعنيه أي نوع من الرجال يكون، وضع احتمالات كثيرة لهذا اللقاء المرتقب الذي حدده فاضل مسعود.. لكنه لم يتوقف عند إحداها. عيناه ظلتا تتوغلان في الميناء. كان ضوء القمر ينسكب متغانجاً على أمواج ناعسة، وثمة زوارق ذات أشرعة تدخل الميناء.. هو لم يتبيّن لون الأشرعة.. خمَّن أنه أرجواني.
[size=12]رأى وجوهاً تتراقص أمامه، وتنزلق فوق أعناق دقيقة، ومرنة كأعواد الخيزران، في حركتها للمجاذيف وهي تغوص وترتفع كأصابع طويلة داخل الماء، مسألة السفر ظلت تشغله.. ما كان يقلقه، هو جهله السبب الذي يطلبه من أجله فاضل مسعود. حسم الأمر بصوت عالٍ، وهو يصب لنفسه الكأس الثالثة:
[size=12]-اليوم خمر وغداً أمر.
[size=12]دقّوا كؤوسهم بكأسه:
[size=12]-بصحة الجبلاوي.