رسالة إلى محمد السادس ملك المغرب
الحمد لله وحده الدي جعل كلمة الحق هي العليا
بروح مجللة بالحسرة والمرارة، وقلب متصدع بلغ به الغيظ مداه من جراء ما طالعته في أسبوعية “الأيام” العدد 291 ،(حوارأريري), و المقال المنشور ب”الوطن الآن” عدد 255 ليوم السبت 28 يوليو, أتوجه إليكم اليوم، ليس بصفتكم كعاهل للبلاد، ولا كرئيس دولة، ولا كسلطان، ولا كأمير للمؤمنين، ولا كملك، وإنما أتوجه فقط، إلى الانسان الساكن في أعماقنا وأعماقكم، الانسان المفعم بالأحاسيس البشرية النبيلة والمشاعر الآدمية السامية التي تجعل منا قلبا يختلج، وروحا تحزن وعينا تدمع ومهجة تذوب…
إن آذاني لتكاد تتمزق وتصرخ ألما والتياعا لصرخات طفل رضيع لم يكتمل بعد شهره التاسع.
طفل رضيع جرجر إلى مخفر للشرطة مع عائلته ضدا على القانون، وترك في فضاء زنزانة مغلقة لتسع ساعاة طوال بدون حليب ولا قماط ولا عناية بمعية أم مرعوبة عجزت عن طرد أشباح الوحشة والذعروالاختناق عن فكرها المصدوم.
ما حجم العذاب، وما فظاعة الهلع الذي يمكن أن يشعر بهما في هذا السعيرالدنيوي، ملاك بريئ كهذا، غارقا مختنقا في جب رهيب لا تكاد فيه رئتيه تلتقط نسمة واحدة من شدة الضيق والضنك والحرج؟…
أجل، لن أتوجه إليكم كعاهل للبلاد، ولا كرئيس دولة ولا كسلطان ولا كأمير للمؤمنين ولا كملك.
أتوجه إليكم فقط، كإنسان وإنسان فحسب.
يزعم نفرمن الرسميين في هذا البلد أن مغربنا هو أجمل بلد في العالم، ولكنهم في المقابل، يخفون عنك بأنه كذلك،أبشع بلد في العالم، وما ذلك سوى لأنه البلد الوحيد في هذه الدنيا الذي يقبل “باستضافة” الرضع دون الشهر التاسع في زنازينه.
فوراء الجدار الذي كانت فيه شكوى هذا الطفل البئيس تتصاعد إلى عرش الرحمان الملك الحق، كان أب محطم ملتاع يذوب على جمر هادئ، وهو يسمع صياح فلذة كبده تتهاوى على عقله كمقامع من حديد، دون أن يجد لإسكاته حيلة أو يهتدي إلى طمأنته سبيلا.
لم تكن جريمة هذا الرضيع المسكين سوى أنه ابن أبيه. ولم تكن جريمة أبيه سوى أنه عاشق مدله لحرية التعبير…
.
تنفس الفجر بعد ليل طويل تمدد وتمطط وطال واستطال حتى بدا للرضيع أطول من عمره ذي التسعة أشهر إلا قليلا.
وهنت حنجرته وبحت من فرط النداء اليائس، فانقلب الصراخ أنينا، واستحال الأنين حشرجة، ثم وصلت الحشرجة إلى حدود الغرغرة لتنذر بالوداع الوشيك…
في لمح البصر،أمر أحد اقاربه بنقل أصغر أسير في الكون إلى مصلحة المستعجلات لمحاولة إنقاذه…
ولما انطفأ صوت الرضيع، غرق الأب السجين في يم من اليأس والضياع لاعتقاده أن ابنه قد فارق الحياة.
فقد كان الصراخ على هوله هو دليله الوحيد على كونه ما زال حيا.
لن أتوجه إليكم كعاهل للبلاد، ولا كرئيس دولة، ولا كسلطان، ولا كأمير للمؤمنين، ولا كملك، ولا كزعيم أمة تحكمونها وتتحملون كامل مسؤولياته دستوريا و سياسياا، كما لن أتوجه إليكم هذه المرة كإنسان، وإنما سوف اتوجه إليكم كأب رؤوم، تضطرم في أعماقه جميع الأحاسيس الأبوية الجارفة التي تجعل منه كائنا يحب ويفنى في الحب، ويخاف ويترتجف من الخوف، ويضحي ويتنازل عن مهجته من شدة التضحية…
هل تقبلون أن يتعرض ابنكم الأمير الحسن - حفظه الله لكم – لمثل ما تعرض له الطفل الرضيع سفيان؟
أي إحساس مهول فظيع سوف تحسون به - لاقدر الله - لو كنتم وراء الجدار تستمعون عاجزين إلى صرخات فلذة كبدكم وهي من حدة عذابها تقطع نياط القلوب وتشق السماء شقا وتهد الأرض هدا؟…
بل ماذا سيكون رأيكم في أولائك الهمج المتوحشين الذين يقترفون مثل تلك البشاعة في طمأنينة وراحة بال؟
أولائك الذين قال فيهم الحق سبحانه وهو أصدق من قائل:
“ثم قست قلوبكم من بعد دلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة و ان من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء، وإن منها لما يهبط من خشية الله، وما الله بغافل عما تعملون” قست قلوبكم من بعد ذلك، فهي كالحجارة أو أشد قسوة، وإن من الحجارة لما يتفجر منه” صدق الله العظيم.
.فلا غرو إذن أن يروا فيما يسقط بين مخالبهم من الضحايا سوى لحما بشريا يغذي طاحونة العذاب المسلطة في أيديهم.
طاحونة التعذيب التي كلما دارت، دارت معها مصالحهم وكثرت أرزاقهم وكانهم بذلك جنس من الكواسر الضارية التي لا تتغذى إلا بأشلاء الطرائد الهالكة المتهالكة من فرائسها.
إنهم يقترفون ذلك لأنهم يعلمون علم اليقين بأن يد العدالة لا تطالهم ولن تطالهم، إنهم يفعلون ما يفعلون وهم يدركون تمام الادراك أنهم منزهون عن القانون و عن المساءلة ولن يدفعوا بالتالي حسابا لأحد. فهم و الافلات من العقاب من رهم واحد
لا أتوجه إليكم كعاهل للبلاد، ولا كرئيس دولة، ولا كسلطان، ولا كأمير للمؤمنين، ولا كزعيم لأمة تحكمونها وتتحملون كامل مسؤولياتها، وإنما اتوجه إليكم كمواطن مغربي اسمه محمد بن الحسن.
إن ابنكم الحسن، قبل أن يكون ابن ملك، والطفل الرضيع سفيان، قبل أن يكون ابن صحفي، هما قبل وبعد كل شيء في شرع الله وملائكته ورسله وفي دفاتر الحالة المدنية ، صبيان بريئان وملكان طاهران طهارة الثلج والبرد، لم يقترفا أي ذنب ولم يحسب عليهما أي إثم.
غير أن بعض أصحاب القلوب المتحجرة ممن ذكرنا، كدوا واجتهدوا لاختراع إثم وذنب يلصقانه بالصغير سفيان، فاكتشفوا، -ويالعبقرية الاكتشاف- أنه لا يملك أبا متوجا يسمى الملك محمد السادس، وإنما فقط، صحفيا بسيطا اسمه مصطفى حرمة الله، رجل متابع في قضية ما اصطلح عليه بقضية صحيفة “الوطن الآن”.
انكم ياصاحب الجلالة قد عايشتم الرعب والهلع، وانفطر قلبكم لجهد البلاء ودرك الجزع لما كنتم في معمعة أحداث الصخيرات سيئة الدكر طفلا غريرا في عمر الزهور…
فهلا سمعتم ياصاحب الجلالة في صرخات الرضيع سفيان، صرخات ابنكم الحسن وهو يهتف بألم وإلتياع:
- سلمى… أماه… أين أنت؟…
فإذا كان الجلادون والمجرمون يقترفون المناكر والفظاعات باسمكم، - وهذا لا يمكن أن أتصوره بتاتا لادراكي الراسخ والعميق أنكم لن تقبلوا بهذه الهمجية أبدا - فإن المغاربة ينتظرون منكم العدل كل العدل ولا شيء غير العدل مع الا نصاف…
عدل يفتح بموجبه تحقيق دقيق في شأن معظلة هذا التعذيب الرهيب الذي لا زال مستمرا في حق بعض المواطنين الأبرياء الذين يسامون جميع أنواع العذاب بدون وجه حق.
هذا التعذيب الذي يشوه سمعة بلدنا ويزري بصيت المغرب في المحافل الدولية جراء أخطاء قاتلة يقترفها أشباه بشر، هم في الحقيقة أولى بالمساءلة والرمي وراء القضبان وقاية لكم ووقاية للمواطنين قاطبة من شرورهم وإذايتهم.
تحقيق فى أسباب سكوت و صمت النيابة العامة و وزير العدل حامل الآختام و وقوفه الضمنى مع جريمة اعتقال رضيع
إن ” العدل ميزان الله تعالى في الارض الدي يؤخد به للضغيف من القوي والمحق من المبطل, و أن عدل الملك يوجب محبته وجوره يوجب الافتراق عنه, قيل دعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء ” .
فامسحوا دمع سفيان وارحموا رضيعا ظلم.
القناص .
08-08-2008
عدل سابقا من قبل القناص في الخميس أبريل 16, 2009 11:27 am عدل 3 مرات